الاثنين، 21 أغسطس 2017

مقدمة في علم الأحياء الدقيقة-4



في القرن الثالث عشر، عرف الناس أن الأمراض diseases يمكن أن تكون معدية contagious، لذلك تم استخدام الحجر الصحي quarantines لمكافحة انتشار الأمراض (المعدي contagious: القادر على أن ينتقل بين الأفراد عبر الاتصال). في عام 1546، اقترح الشاعر وعالم الطبيعة الإيطالي جيرولامو فراكوستورو Girolamo Fracostoro أن الانتقال يمكن أن يحدث عن طريق الاتصال البشري المباشر direct human contact، من الأشياء غير الحية مثل الملابس وأواني الطعام، أو عن طريق الهواء.
بحلول منتصف القرن الثامن عشر، كان الاعتقاد السائد بين علماء الطبيعة naturalists وعامة الناس أن الأمراض تنتج عن تغير في نوعية المواد الكيميائية في الغلاف الجوي atmosphere أو من جزيئات سامة poisonous particles صغيرة من المواد المتحللة في الهواء، وهي كيان يسمى البخار العفن miasma (كلمة الملاريا malaria تأتي من mala aria، وهذا يعني "الهواء الفاسد bad air "). لحماية أنفسهم من الطاعون الأسود black plague في أوروبا، على سبيل المثال، إرتدى أطباء الطاعون غالباً زياً مفصلاً ظنوا أنه سيحميهم من بخار الطاعون. لكن، وكما تكشف في القرن التاسع عشر، اعتمد اكثر العلماء على التجريب والملاحظات الحريصة باعتبارها وسيلة لمعرفة وتفسير الملاحظات المتباينة، بما في ذلك العدوى والمرض.
علم الأوبئة Epidemiology، كما يطبق على الأمراض المعدية infectious diseases، هو الدراسة العلمية التي يمكن عن طريقها تحديد مصدر، سبب، وطريقة انتقال المرض. أولى الدراسات الوبائية epidemiological studies العلمية، والتي  نفذها إجناتس سيملفيس Ignaz Semmelweis وجون سنو John Snow، كان لها دور فعال في اقتراح كيفية انتقال الأمراض وكيفية اتخاذ تدابير بسيطة يمكن أن تعيق الإنتقال.
إجناتس سيملفيس كان طبيب توليد obstetrician مجري والذي صدم من أعداد النساء الحوامل في مستشفاه واللاتي يمتن من حمى النفاس puerperal fever (نوع من تسمم الدم blood poisoning يسمى أيضا childbed fever) أثناء المخاض labor. اكتشف أن المرض كان أكثر انتشارا في الجناح المعالج من قبل طلاب الطب (29٪ وفيات) مما كان عليه في الجناح الذي يديره طلاب التوليد (3٪ وفيات). اقترحت هذه الدراسة المقارنة على سيملفيس أن طريقة انتقال العدوى يجب أن تشمل طلابه في الطب. استنتج أن مصدر العدوى يجب أن يكون من الجثث cadavers التي اجرى عليها طلاب الطب سابقاَ عمليات تشريح autopsies لأن طلبة التوليد (القبالة) لم يعملوا على الجثث. لذلك، في عام 1847، وجه سيملفيس العاملين معه لغسل أيديهم في ماء الكلور chlorine قبل دخول جناح الولادة. انخفضت الوفيات الناجمة عن حمى النفاس، مما يظهر أن انتشار المرض يمكن أن يتوقف. للأسف، استجاب عدد قليل من الأطباء في البداية لتوصيات سيملفيس.
في عام 1854، ضرب وباء الكوليرا cholera epidemic لندن، بما في ذلك حي سوهو. مع موت السكان، بادر الجراح surgeon الإنجليزي جون سنو لاكتشاف سبب انتشار الكوليرا. نفذ سنو واحدة من أولى الدراسات الوبائية الشاملة من خلال مقابلة المرضى والأصحاء من سكان لندن ورصد موقع كل حالة كوليرا على خريطة المقاطعة. أشارت النتائج بأن أكثر حالات الكوليرا تتجمع إلى مضخة الشارع الملوثة بمياه الصرف الصحي والتي يحصل منها السكان المحليين على مياه الشرب. وضع سنو عندئذ المثال المعروف الأول لإجراءات الصحة العامة لوقف انتقال المرض – وطلب إزالة مقبض مضخة الشارع! مرة أخرى، تم كسر انتشار المرض بواسطة إجراء بسيط.
ذهب سنو الى اقتراح أن الكوليرا لا تنتشر بواسطة الابخرة وانما تنقلها المياه. في الواقع، أكد أن "الجزيئات المنظمة organized particles" تسبب الكوليرا – وهو تكهن ثبت أنه صحيح على الرغم من أن العامل المسبب لن يتم تحديده إلا بعد 29 سنة.
من المهم ادراك أنه على الرغم من أن فرضية الابخرة كانت غير صحيحة، إلا أن حقيقة أن المرض كان مرتبطا بالهواء الفاسد والقذارة أدت إلى اتخاذ تدابير صحية جديدة، مثل تنظيف الشوارع، وضع انابيب صرف صحي جديدة في المدن، وتحسين ظروف العمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East Respiratory Syndrome (MERS)

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East Respiratory Syndrome ( MERS ) هو مرض يسببه فيروس (على وجه التحديد، فيروس كورونا coronavirus...