الأربعاء، 30 أغسطس 2017

التعقيد البكتيري Bacterial Complexity



في وسائل الإعلام أو حتى في المجلات العلمية والكتب الدراسية، توصف أنواع البكتيريا والأركيا غالباً بأنها "كائنات بسيطة simple organisms" بالمقارنة مع "الكائنات الحية المعقدة complex organisms" التي تمثل الأنواع النباتية والحيوانية المتعددة الخلايا multicellular. يمثل هذا الرأي اعتقاد خاطئ. على الرغم من حجمها المجهري, تظهر الكائنات البكتيرية والآركية كل ميزة معقدة، أو خاصية ناشئة، مشتركة بين جميع الكائنات الحية. هذه تتضمن:
DNA كمادة وراثية hereditary material تتحكم في التركيب والوظيفة.
الأنماط الكيموحيوية biochemical patterns المعقدة للنمو وتحويلات الطاقة.
الاستجابات المعقدة Complex responses للمحفزات.
التكاثر لإنتاج الذرية offspring.
التكيف Adaptation من جيل إلى جيل.
مع التركيز على البكتيريا، ما هو الدليل على التعقيد؟
من الناحية التاريخية، عندما ينظر المرء في الخلايا البكتيرية حتى بالمجهر الإلكتروني electron microscope، غالبا ما يكون هناك القليل ليراه. "تركيب الخلية Cell structure،" يمثل المظهر الجسدي للخلية أو مكوناتها "ونمط التنظيم pattern of organization", يشير إلى تكوين تلك التراكيب وعلاقاتها مع بعضها البعض، يعطي الانطباع ببساطة الخلايا.
لكن ما تم تجاهله هو "العملية الخلوية cellular process،" الأنشطة التي تنفذها جميع الخلايا لاستمرار بقاء الخلية (والكائن الحي). على هذا المستوى، التعقيد هو مجرد معقد كما هو الحال في أي خلية حقيقية النواة eukaryotic cell. لذلك، في الواقع، خلايا البكتيريا تنفذ العديد من نفس العمليات الخلوية كحقيقيات النواة فقط دون الحاجة إلى تنظيم تركيبي مرئي تفصيلي.
التوازن Homeostasis
جميع الكائنات تحالاب باستمرار بيئتها الخارجية، حيث يمكن أن يكون لعوامل مثل درجة الحرارة temperature، أشعة الشمس sunlight، أو المواد الكيميائية السامة toxic chemicals عواقب وخيمة. تناضل الكائنات الحية للحفاظ على حالة داخلية مستقرة من خلال إجراء تعديلات أيضية أو تركيبية ملائمة. هذه القدرة على ضبط الحفاظ على حالة داخلية ثابتة نسبياً تسمى التوازن Homeostasis (homeo = "مماثل similarstasis = "حالة state").
يعيش النمط البيئي ecotype من بروكلوروكوكس Prochlorococcus المحب للضوء المنخفض في أعماق أقل من 50 متر. في هذه الأعماق، تنخفض أشعة الشمس المرسلة ولا يمكن الوصول إلى أي مصدر نيتروجيني. يعوض النمط البيئي عن انخفاض الضوء والتقييد النيتروجيني عن طريق:
1) زيادة كمية الكلوروفيل الخلوي cellular chlorophyll لالتقاط الضوء.
2) استخدام مجموعة متنوعة من مصادر النيتروجين المتاحة.
تحافظ هذه التعديلات على حالة داخلية ثابتة.
لمثالنا الثاني، افترض أن مريض يعطى مضاد حيوي antibiotic لمكافحة عدوى بكتيرية bacterial infection. في إستجابة لذلك، تعوض البكتيريا المعدية عن التغيير عن طريق كسر تركيب المضاد الحيوي. التعديل، مقاومة المضاد الحيوي antibiotic resistance، تحافظ على التوازن في الخلية البكتيرية.
في كلا هذين المثالين، يحافظ على البيئة الداخلية على الرغم من تغير البيئة. ضوابط الإستتباب (الإتزان الداخلي) homeostatic controls هذه, المعقدة غالباً، هي بالغة الأهمية لجميع الميكروبات، بما في ذلك الأنواع البكتيرية.
تطوير الغشاء الحيوي Biofilm Development
واحدة من الخصائص الناشئة للحياة هي أن الخلايا يجب أن تتعاون مع بعضها البعض. هذا صحيح بالتأكيد في الحيوانات والنباتات، ولكنه ينطبق على معظم الكائنات البكتيرية كذلك. الدراسات المبكرة للسببية المرضية disease causation التي قام بها باستير Pasteur وكوخ Koch بالتأكيد تتطلب مزارع نقية لربط مرض معين بميكروب واحد معين. ومع ذلك، حالياً لا بد من إلغاء الانطباع بأن البكتيريا هي كائنات مستقلة مكتفية ذاتياً. في الطبيعة قليل من الأنواع تعيش مثل هذه الحياة النقية والانفرادية. في الواقع، تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 99٪ من الأنواع البكتيرية تعيش في روابط مجتمعية تسمى الأغشية الحيوية biofilms، أي أنها، في "حالة متعددة الخلايا multicellular state" حيث يتطلب البقاء تواصل كيميائي وتعاون بين الخلايا.
بينما تشكل الغشاء الحيوي، تصبح الخلايا جزءا لا يتجزأ في مصفوفة matrix من المواد البوليمرية polymeric substances المفرزة التي تنتجها الخلايا البكتيرية. تتكون هذه المواد اللزجة sticky من عديدات التسكر polysaccharides المتعادلة والمشحونة التي تمسك الغشاء الحيوي معا وتثبته على الأسطح الحية أو غير الحية، مثل المعادن metals, المواد البلاستيكية plastics, جزيئات التربة soil particles، والأجهزة الطبية medical indwelling devices، أو الأنسجة البشرية human tissue. الغشاء الحيوي الناضج، الذي يعمل بشكل كامل هو مثل الأنسجة الحية مع جهاز دوري بدائي primitive circulatory system مصنوع من القنوات المائية water channels لجلب المواد الغذائية وازالة النفايات. الغشاء الحيوي هو، مجتمع معقد متعاون أيضياً يتكون من أنواع تتعايش سلمياً.
من خلال هذا الاستعمار colonization فإن الخلايا قادرة على "التحدث إلى بعضها البعض"، وتتعاون عبر التواصل الكيميائي chemical communication. تسمى هذه العملية، استشعار النصاب quorum sensing، تنطوي على قدرة البكتيريا على الإحساس أعدادها، ومن ثم التواصل وتنسيق السلوك، بما في ذلك التعبير الجيني gene expression، عبر جزيئات التأشير signaling molecules. بالتالي، تتميز الأغشية الحيوية بـ:
أ- التباين التركيبي structural heterogeneity.
ب- التنوع الوراثي genetic diversity.
ج- التفاعلات المجتمعية المعقدة complex community interactions.
الخلايا داخل المجتمع تختلف اختلافا عميقا في السلوك behavior والوظيفة function عن الخلايا المستقلة حرة المعيشة free-living.
يمكن أن ترتبط الأغشية الحيوية أيضا بحالات العدوى infections. تطوير التهاب الرئة المميت (الالتهاب الرئوي التليفي الكيسي cystic fibrosis pneumonia)، والتهابات الأذن الوسطى (otitis mediaوتسوس الأسنان (dental caries) ليست سوى أمثلة قليلة. يمكن أن تطوّر الأغشية الحيوية أيضا على الأجهزة الطبية التي تم تنظيفها بشكل غير صحيح، مثل المفاصل الاصطناعية artificial joints، صمامات القلب الميكانيكية mechanical heart valves، والقسطرات catheters، بحيث أنه عندما تزرع في الجسم، فإن النتيجة هي تطوير عدوى بطيئة ولكن مستمرة. كما ذكر، تعمل مصفوفة عديد التسكر كطبقة واقية للخلايا المضمنة وتعيق الاختراق من قبل المضادات الحيوية والمواد المضادة للميكروبات antimicrobial الأخرى. نتيجة لذلك، يمكن أن يكون من الصعب للغاية إستئصال العدوى.
من ناحية أخرى، يمكن أن تكون الأغشية الحيوية مفيدة.
على سبيل المثال، تستخدم محطات معالجة مياه الصرف الصحي sewage treatment plants الأغشية الحيوية لإزالة الملوثات contaminants من المياه. تستخدم المعالجة الحيوية bioremediation الأحياء الدقيقة لإزالة أو تنظيف البيئات الملوثة كيميائيا، مثل التسربات النفطية oil spills أو مواقع النفايات السامة toxic waste sites. استخدمت هذه الأغشية الحيوية في المواقع الملوثة بالمواد العضوية السامة toxic organics، مثل "الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات polycyclic aromatic hydrocarbons" التي يمكن أن تؤدي إلى السرطان cancer. البيركلورات (-ClO4) هو أنيون قابل للذوبان soluble anion وهو مكون في وقود الصواريخ rocket fuels, الألعاب النارية fireworks، المتفجرات explosives، وصناعة الوسائد الهوائية airbag. هو سام للإنسان وعالي الثبات في مياه الشرب، خاصة في غرب الولايات المتحدة الأمريكية. الأغشية الحيوية الجوفية الطبيعية Natural subterranean biofilms يتم تعديلها وراثياً بحيث تحتوي الخلايا على الجينات genes الضرورية لتحلل البيركلورات من المياه الجوفية groundwater. في كلتا الحالتين، مجتمع مركز من الأحياء الدقيقة – غشاء حيوي – يمكن أن يكون له آثار إيجابية على البيئة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East Respiratory Syndrome (MERS)

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East Respiratory Syndrome ( MERS ) هو مرض يسببه فيروس (على وجه التحديد، فيروس كورونا coronavirus...