بالرغم
من أن قائمةِ الميكروبات التي تم تعريفها كَانت تَتزايد، واصلتْ العوامل المسؤولة
عن الأمراضِ مثل الحصبة measles، النكاف mumps، الجدري smallpox، والحمى الصفراء yellow fever الاستعصاء على التعريفِ.
في 1892, عالم روسي، ديميتري ايفانوفسكي Dimitri Ivanowsky، إستخدم مرشح طورته
مجموعةِ باستير لحصر ما إعتقدَ أنها خلايا بكتيريةَ مسؤولة عن مرضِ تبرقش التبغ tobacco
mosaic disease، الذي يُنتجُ أوراقَ تبغِ
مبرقشة ومتقزمة. المثير للدهشة، إكتشفَ إيفانوفسكي بأنّه عندما طبّقَ السائلَ الذي
مَرَّ من خلالِ المرشِحِ على نباتات التبغ السليمة، أصبحتْ الأوراق مبرقشة ومتقزمة.
إفترض ايفانوفسكي أن الخلايا البكتيرية إنزلقتْ بطريقةٍ ما عبر المرشِحِ.
بدون
علم عن عمل إيفانوفسكي، مارتينوس بيجيرينك Martinus Beijerinck محقّق هولندي، عَمِلَ
تجاربَ مماثلةَ في 1899 واقترح أن مرضِ تبرقش التبغِ كَانَ”سائل حيّ معدي“
يتَصرّفَ مثل سمّ أَو فيروس (فيروس virus = "سم poison"). في عام 1898،
إكتشفَ أول ”فيروس القابل للترشيح filterable
virus“المسؤول عن مرضِ حيوانيِ
— مرض الحمّى القُلاعية hoof-and-mouth
disease —، وفي عام 1901 إستنتجَ الأمريكي
والتر ريد Walter Reed بأنّ العامل المسؤول عن الحمى الصفراءِ في
البشرِ أيضاً كَان عامل قابل للترشيح. بهذه الإكتشافاتِ، أنطلق تخصص علْمِ
الفيروسات virology، أي دراسة الفيروساتِ.
بينما
العديد مِنْ العلماءِ كَانوا يَتقدّمونَ عِلْم الأحياء الدقيقةَ الطبي medical microbiology، كرّسَ آخرين ابحاثهم على
الأهمية البيئية environmental
importance للأحياء الدقيقة. إكتشفَ
العالمُ الروسيُ سيرجي فينوجرادسكي Sergei
Winogradsky خلايا بكتيرية تؤيّض الكبريت
sulfur وطوّرت مفهومَ تثبيت النيتروجين nitrogen fixation، حيث تُحوّلُ الخلايا
البكتيريةَ غازَ النيتروجينِ nitrogen
gas (N2) إلى الأمّونيا ammonia (NH3). بيجيرينك كَانَ أول من حصل
على مزارع نقية من الأحياء الدقيقة مِنْ التربةِ والمياه عن طريق إثراء ظروف
النمو. سوية مَع فينوجرادسكي، طوّرَ بيجيرينك العديد مِنْ الموادِ المخبرية
الأساسية لدراسةِ عِلْم الأحياء الدقيقةِ البيئيِ environmental microbiology، حين اضاف إلى فَهْم الأدوارِ الأساسية التي تلعبها الأحياء الدقيقة
في البيئةِ.
حالياً،
بالإضافة إلى جيوفانوني Giovannoni وفنتير Venter، واصل العديد من علماء
الأحياء الدقيقة البَحْث عن وفهم أدوارَ الأحياء الدقيقة. في الحقيقة، بعد أن تم
تعريف أقل مِنْ 2 % من كُلّ الأحياء الدقيقة على الأرض وعدد أقل بكثير تم زراعته
على اوساط غذائية، لا يزالَ هناك الكثير مما يمكن اكتَشافه في العالم الميكروبيِ microbial world!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق